سبب نزول قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه}
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سبب نزول قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه}
ليس
بخاف أن معرفة أسباب نزول الآيات من الأهمية بمكان؛ لمعرفة مقصودها، وتبين
مرادها، حيث إن الوقوف على تلك الأسباب يعتبر بمثابة المحددات والمنطلقات
التي يستعين بها الدارس للقرآن الكريم عموماً، والمفسر له على وجه الخصوص .
وانطلاقاً من هذا، نسعى في هذه السطور للوقوف على أسباب نزول قوله تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }
(البقرة:115)، ومن ثم تبيُّن المراد منها . فبعد أن توعد الله سبحانه
المشركين الذين يمنعون العبادة في مساجد الله، أتبع ذلك بالتفضل على عباده
المؤمنين، ببيان أن الأرض كلها لله سبحانه، فحيثما توجه المؤمن قاصداً
عبادة الله وحده، فإن عبادته مقبولة وموصولة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
ثم
إن المفسرين يذكرون أكثر من سبب لنزول هذه الآية؛ من ذلك: أنها نزلت إذناً
من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة النافلة حيث توجه في
سفره، أو حال القتال وشدة الخوف، فقد روى الترمذي عن ابن عمر رضي
الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوعاً
أينما توجهت به، وهو جاءٍ من مكة إلى المدينة، ثم قرأ ابن عمر هذه الآية: { ولله المشرق والمغرب }، قال ابن عمر : ففي هذه أنزلت هذه الآية. قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وأصله في "الصحيحين"، وهذا أصح ما روي في سبب نزول هذه الآية .
وأخرج الحاكم في "المستدرك" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أنزلت { فأينما تولوا فثمَّ وجه الله } أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم . وقال السيوطي : هذا أصح ما ورد في الآية إسناداً .
وحاصل
هاتين الروايتين، أن الآية نزلت لبيان صحة التوجه في صلاة النافلة حيثما
كانت تسير بالمسافر راحلته، وحُمل عليهما أيضاً جواز التوجه في صلاة
الفريضة في أثناء القتال إلى الوجهة التي يقف فيها العدو. وهذا قول ابن عمر رضي الله عنهما في سبب نزول هذه الآية، فالآية عنده ليست منسوخة .
ومما
ذُكر في سبب نزول هذه الآية أنها نزلت تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم
وأصحابه رضي الله عنهم، الذين أخرجوا من مكة، وفارقوا مسجدهم ومصلاهم، وقد
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة إلى بيت المقدس، والكعبة بين
يديه. فلما قدم المدينة وُجِّه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر
شهرًا، ثم صرفه الله إلى الكعبة بعدُ؛ روي في هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أول ما نُسخ من القرآن فيما ذكر لنا - والله أعلم - شأن القبلة: قال تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }
(البقرة:115)، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى نحو بيت
المقدس، وترك البيت العتيق، ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها، فقال: { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } (البقرة:150). رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا السياق .
وحاصل هذه الرواية أن الآية منسوخة، والناسخ لها قوله تعالى: { وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره }، ومن القائلين بنسخها ابن عباس رضي الله عنهما، و قتادة ، وغيرهما .
ثم
إن وراء هذه الروايات الثلاث روايات أخرى في أسباب نزول هذه الآية، يذكرها
المفسرون، بيد أنها ليست قوية من جهة السند؛ من ذلك: أنها نزلت في قوم لم
يتبين لهم جهة القبلة، فصلوا إلى جهات مختلفة، فقال الله: لي المشارق
والمغارب، فأينما وليتم وجوهكم فهي قبلتكم؛ ليُعلِّمهم أن صلاتهم صحيحة.
وفي هذا المعنى روي عن عامر بن ربيعة ، قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندرِ أين
القبلة؟! فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله
عليه وسلم، فنـزل: { فأينما تولوا فثم وجه الله }، قال الترمذي : ليس إسناده بذاك .
وقريب من هذا ما رواه الدار قطني وغيره عن جابر رضي
الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا
ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي ها هنا قِبَل
الشمال، فصلوا وخطوا خطاً، وقال بعضنا: القبلة ها هنا قِبَل الجنوب، وخطوا
خطاً، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما رجعنا
من سفرنا، سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فسكت، وأنزل الله عز
وجل: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }، أي: حيث كنتم، وروي نحو هذا أكثر من رواية، قال عنها ابن كثير بعد أن ساقها: وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشدُّ بعضها بعضاً .
وقال آخرون: نزلت هذه الآية بسبب موت النجاشي، وفي ذلك يروي الطبري عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاً لكم قد مات - يعني النجاشي - فصلوا عليه، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم! فنـزلت: { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } (آل عمران:199)، قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة! فأنزل الله: { ولله المشرق والمغرب }، قال ابن كثير : وهذا غريب .
وأخرج الطبري أيضاً عن مجاهد ، قال: لما نزلت: { ادعوني استجب لكم } (غافر:60)، قالوا: إلى أين؟ فنـزلت: { فأينما تولوا فثم وجه الله } .
وإذا
أجلنا النظر فيما ورد من روايات في أسباب نزول هذه الآية، تبين أن ما كان
منها صحيحاً لم يرد فيه التصريح بسبب النزول، وما ورد التصريح بأنه سبب
للنزول لم يكن قوياً من جهة السند، وهذا ما حمل الطبري إلى اعتبار الآية ليست ناسخة ولا منسوخة؛ لعدم قيام الدليل على كونها ناسخة أو منسوخة .
وإذ لم تكن الآية كذلك، تعيَّن أن يقال - وهو اختيار الطبري -:
إن الآية وردت مورد العموم، والمراد بها الخصوص؛ بحيث يكون مقصود الآية
بيان صحة التوجه كيفما تيسَّر، سواء حال السفر ولقاء العدو، أم حال التوجه
بالدعاء إلى الله على كل حال .
ثم نضيف إلى ما تقدم بعض الفوائد المتعلقة بهذه الآية:
الأولى:
أن الله سبحانه أخبر في هذه الآية بأنه مالك للمشرق والمغرب فحسب، مع أنه
في الحقيقة مالك لهما ولغيرهما، لكن خصَّ سبحانه ذكرهما دون غيرهما؛
إعلامًا منه أنه مالك لهما، ومالك لما بينهما من الخلق، وأن على الخلق
جميعهم - ما دام لهم مالكاً - طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه، فجاءت الآية
من باب الإخبار عن سبب الشيء، وهو هنا: الكون، المعبَّر عنه بالمشرق
والمغرب، مقام الإخبار عن الشيء نفسه، وهم المخلوقات. أفاده الطبري .
الثانية:
بينت الآية أن الأرض كلها لله تعالى، وأن ما فيها من أماكن لا يفضل بعضها
بعضاً إلا من جهة كونها قربة يُتقرب بها إليه سبحانه؛ فإذا كانت وجهة
الإنسان نحو مرضاة الله تعالى فأينما توجه فقد صادف رضا الله تعالى، وإذا
كانت وجهته الكفر والغرور والظلم فما يغني عنه الإقامة بالمواضع المقدسة،
بل هو فيها دخيل عليها، لا يلبث أن يخرج منها، كما قال تعالى: { وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون } (الأنفال:34)، فالمشركون المقيمون في مكة لم ينفعهم جوارهم لها شيئاً، بل المؤمن في أقاصي الأرض أقرب إلى الله منهم. أفاده ابن عاشور .
الثالثة: أن المراد بقوله تعالى: { ولله المشرق والمغرب }، تعميم جهات الأرض بصحة العبادة فيها؛ يشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )، متفق عليه .
الرابعة: أن الآية قد يراد منها خصوص التوجه في الصلاة، فيكون المراد من قوله سبحانه: { فأينما تولوا فثم وجه الله }،
جواز صلاة النافلة على الراحلة حيثما كانت وجهتها، وجواز صلاة الفريضة عند
تعذر استقبال القبلة كحالات الخوف والقتال؛ وقد يكون المراد منها عموم
التوجه، بمعنى أن المؤمن في أي مكان كان من هذه الأرض، يمكن أن يتوجه إلى
ربه، فإن الله مطلع عليه، وناظر إليه، مراقب لحاله، ومجيب لدعائه .
بخاف أن معرفة أسباب نزول الآيات من الأهمية بمكان؛ لمعرفة مقصودها، وتبين
مرادها، حيث إن الوقوف على تلك الأسباب يعتبر بمثابة المحددات والمنطلقات
التي يستعين بها الدارس للقرآن الكريم عموماً، والمفسر له على وجه الخصوص .
وانطلاقاً من هذا، نسعى في هذه السطور للوقوف على أسباب نزول قوله تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }
(البقرة:115)، ومن ثم تبيُّن المراد منها . فبعد أن توعد الله سبحانه
المشركين الذين يمنعون العبادة في مساجد الله، أتبع ذلك بالتفضل على عباده
المؤمنين، ببيان أن الأرض كلها لله سبحانه، فحيثما توجه المؤمن قاصداً
عبادة الله وحده، فإن عبادته مقبولة وموصولة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
ثم
إن المفسرين يذكرون أكثر من سبب لنزول هذه الآية؛ من ذلك: أنها نزلت إذناً
من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة النافلة حيث توجه في
سفره، أو حال القتال وشدة الخوف، فقد روى الترمذي عن ابن عمر رضي
الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوعاً
أينما توجهت به، وهو جاءٍ من مكة إلى المدينة، ثم قرأ ابن عمر هذه الآية: { ولله المشرق والمغرب }، قال ابن عمر : ففي هذه أنزلت هذه الآية. قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وأصله في "الصحيحين"، وهذا أصح ما روي في سبب نزول هذه الآية .
وأخرج الحاكم في "المستدرك" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أنزلت { فأينما تولوا فثمَّ وجه الله } أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم . وقال السيوطي : هذا أصح ما ورد في الآية إسناداً .
وحاصل
هاتين الروايتين، أن الآية نزلت لبيان صحة التوجه في صلاة النافلة حيثما
كانت تسير بالمسافر راحلته، وحُمل عليهما أيضاً جواز التوجه في صلاة
الفريضة في أثناء القتال إلى الوجهة التي يقف فيها العدو. وهذا قول ابن عمر رضي الله عنهما في سبب نزول هذه الآية، فالآية عنده ليست منسوخة .
ومما
ذُكر في سبب نزول هذه الآية أنها نزلت تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم
وأصحابه رضي الله عنهم، الذين أخرجوا من مكة، وفارقوا مسجدهم ومصلاهم، وقد
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة إلى بيت المقدس، والكعبة بين
يديه. فلما قدم المدينة وُجِّه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر
شهرًا، ثم صرفه الله إلى الكعبة بعدُ؛ روي في هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أول ما نُسخ من القرآن فيما ذكر لنا - والله أعلم - شأن القبلة: قال تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }
(البقرة:115)، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى نحو بيت
المقدس، وترك البيت العتيق، ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها، فقال: { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } (البقرة:150). رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا السياق .
وحاصل هذه الرواية أن الآية منسوخة، والناسخ لها قوله تعالى: { وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره }، ومن القائلين بنسخها ابن عباس رضي الله عنهما، و قتادة ، وغيرهما .
ثم
إن وراء هذه الروايات الثلاث روايات أخرى في أسباب نزول هذه الآية، يذكرها
المفسرون، بيد أنها ليست قوية من جهة السند؛ من ذلك: أنها نزلت في قوم لم
يتبين لهم جهة القبلة، فصلوا إلى جهات مختلفة، فقال الله: لي المشارق
والمغارب، فأينما وليتم وجوهكم فهي قبلتكم؛ ليُعلِّمهم أن صلاتهم صحيحة.
وفي هذا المعنى روي عن عامر بن ربيعة ، قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندرِ أين
القبلة؟! فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله
عليه وسلم، فنـزل: { فأينما تولوا فثم وجه الله }، قال الترمذي : ليس إسناده بذاك .
وقريب من هذا ما رواه الدار قطني وغيره عن جابر رضي
الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا
ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي ها هنا قِبَل
الشمال، فصلوا وخطوا خطاً، وقال بعضنا: القبلة ها هنا قِبَل الجنوب، وخطوا
خطاً، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما رجعنا
من سفرنا، سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فسكت، وأنزل الله عز
وجل: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }، أي: حيث كنتم، وروي نحو هذا أكثر من رواية، قال عنها ابن كثير بعد أن ساقها: وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشدُّ بعضها بعضاً .
وقال آخرون: نزلت هذه الآية بسبب موت النجاشي، وفي ذلك يروي الطبري عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاً لكم قد مات - يعني النجاشي - فصلوا عليه، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم! فنـزلت: { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } (آل عمران:199)، قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة! فأنزل الله: { ولله المشرق والمغرب }، قال ابن كثير : وهذا غريب .
وأخرج الطبري أيضاً عن مجاهد ، قال: لما نزلت: { ادعوني استجب لكم } (غافر:60)، قالوا: إلى أين؟ فنـزلت: { فأينما تولوا فثم وجه الله } .
وإذا
أجلنا النظر فيما ورد من روايات في أسباب نزول هذه الآية، تبين أن ما كان
منها صحيحاً لم يرد فيه التصريح بسبب النزول، وما ورد التصريح بأنه سبب
للنزول لم يكن قوياً من جهة السند، وهذا ما حمل الطبري إلى اعتبار الآية ليست ناسخة ولا منسوخة؛ لعدم قيام الدليل على كونها ناسخة أو منسوخة .
وإذ لم تكن الآية كذلك، تعيَّن أن يقال - وهو اختيار الطبري -:
إن الآية وردت مورد العموم، والمراد بها الخصوص؛ بحيث يكون مقصود الآية
بيان صحة التوجه كيفما تيسَّر، سواء حال السفر ولقاء العدو، أم حال التوجه
بالدعاء إلى الله على كل حال .
ثم نضيف إلى ما تقدم بعض الفوائد المتعلقة بهذه الآية:
الأولى:
أن الله سبحانه أخبر في هذه الآية بأنه مالك للمشرق والمغرب فحسب، مع أنه
في الحقيقة مالك لهما ولغيرهما، لكن خصَّ سبحانه ذكرهما دون غيرهما؛
إعلامًا منه أنه مالك لهما، ومالك لما بينهما من الخلق، وأن على الخلق
جميعهم - ما دام لهم مالكاً - طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه، فجاءت الآية
من باب الإخبار عن سبب الشيء، وهو هنا: الكون، المعبَّر عنه بالمشرق
والمغرب، مقام الإخبار عن الشيء نفسه، وهم المخلوقات. أفاده الطبري .
الثانية:
بينت الآية أن الأرض كلها لله تعالى، وأن ما فيها من أماكن لا يفضل بعضها
بعضاً إلا من جهة كونها قربة يُتقرب بها إليه سبحانه؛ فإذا كانت وجهة
الإنسان نحو مرضاة الله تعالى فأينما توجه فقد صادف رضا الله تعالى، وإذا
كانت وجهته الكفر والغرور والظلم فما يغني عنه الإقامة بالمواضع المقدسة،
بل هو فيها دخيل عليها، لا يلبث أن يخرج منها، كما قال تعالى: { وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون } (الأنفال:34)، فالمشركون المقيمون في مكة لم ينفعهم جوارهم لها شيئاً، بل المؤمن في أقاصي الأرض أقرب إلى الله منهم. أفاده ابن عاشور .
الثالثة: أن المراد بقوله تعالى: { ولله المشرق والمغرب }، تعميم جهات الأرض بصحة العبادة فيها؛ يشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )، متفق عليه .
الرابعة: أن الآية قد يراد منها خصوص التوجه في الصلاة، فيكون المراد من قوله سبحانه: { فأينما تولوا فثم وجه الله }،
جواز صلاة النافلة على الراحلة حيثما كانت وجهتها، وجواز صلاة الفريضة عند
تعذر استقبال القبلة كحالات الخوف والقتال؛ وقد يكون المراد منها عموم
التوجه، بمعنى أن المؤمن في أي مكان كان من هذه الأرض، يمكن أن يتوجه إلى
ربه، فإن الله مطلع عليه، وناظر إليه، مراقب لحاله، ومجيب لدعائه .
الشافعي الصحراوي- عضو جديد
- عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 17/08/2011
رد: سبب نزول قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه}
سبحان الله ولاحول ولاقوه الا بالله
medo- عضو متالق
- عدد المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 18/08/2011
رد: سبب نزول قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه}
أإسـ عٍ ـد الله أإأوٍقـآتَكُـم بكُـل خَ ـيرٍ
دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ
أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ
لك الشكر من كل قلبي
دآإئمـاَ تَـبهَـرٍوٍنآآ بَمَ ـوٍآضيعكـ
أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ
لك الشكر من كل قلبي
مواضيع مماثلة
» سبب نزول قوله تعالى :" يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ..."
» تفسير قوله تعالى "خذوا ما آتيناكم بقوة"
» تفسير قوله تعالى [ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا في السَمَاء ]
» اختبر قوة حبك لله تعالى
» تفسيرقوله تعالى " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ"
» تفسير قوله تعالى "خذوا ما آتيناكم بقوة"
» تفسير قوله تعالى [ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا في السَمَاء ]
» اختبر قوة حبك لله تعالى
» تفسيرقوله تعالى " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى